فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وإن شئت على الابتداء، والخبرُ لا إله إلا هو.
أو يكون خبر ابتداء محذوف؛ تقديره: هو رب السموات والأرض.
والجر على البدل من {رَبِّكَ} وكذلك: {رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائكم الأولين} بالجر فيهما؛ رواه الشَّيْزَرِيّ عن الكسائي. الباقون بالرفع على الاستئناف.
ثم يحتمل أن يكون هذا الخطاب مع المعترف بأن الله خلق السموات والأرض؛ أي إن كنتم موقنين به فاعلموا أن له أن يرسل الرسل، وينزل الكتب.
ويجوز أن يكون الخطاب مع من لا يعترف أنه الخالق؛ أي ينبغي أن يعرفوا أنه الخالق؛ وأنه الذي يحيي ويميت.
وقيل: الموقن هاهنا هو الذي يريد اليقين ويطلبه؛ كما تقول: فلان يُنْجِد؛ أي يريد نجدًّا.
ويُتهِم؛ أي يريد تِهامة.
{لاَ إله إِلاَّ هو يُحْيِي وَيُمِيتُ} أي هو خالق العالم؛ فلا يجوز أن يشرك به غيره ممن لا يقدر على خلق شيء.
و {هويُحْيِي وَيُمِيتُ} أي يحيي الأموات ويميت الأحياء.
{رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائكم الأولين} أي مالككم ومالك من تقدم منكم.
واتقوا تكذيب محمد لئلا ينزل بكم العذاب. اهـ.

.قال الألوسي:

{حم والكتاب المبين}.
الكلام فيه كالذي سلف في السورة السابقة.
{إِنَّا أنزلناه} أي الكتاب المبين الذي هو القرآن على القول المعو ل عليه {فِى لَيْلَةٍ مباركة} هيب ليلة القدر على ما روي عن ابن عباس وقتادة وابن جبير ومجاهد وابن زيد والحسن وعليه أكثر المفسرين والظواهر معهم، وقال عكرمة وجماعة: هي ليلة النصف من شعبان وتسمى ليلة الرحمن والليلة المباركة وليلة الصك وليلة البراءة، ووجه تسميتها بالأخيرين أن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة والصك كذلك أن الله عز وجل يكتب لعباده المؤمنين البراءة والصك في هذه الليلة.
وظاهر كلامهم هنا أن البراءة وهي مصدر بريء براءة إذا تخلص تطلق على صك الأعمال والديون وما ضاهاها وأنه ورد في الآثار ذلك وهو مجاز مشهور وصار بذلك كالمشترك، وفي المغرب بريء من الدين والعيب براءة، ومنه البراءة لخط الابراء والجمع براءات وبروات عامية. اهـ.
وأكثر أهل اللغة على أنه لم يسمع من العرب وأنه عامي صرف وإن كان من باب المجاز الواسع.
قال ابن السيد في المقتضب البراءة في الأصل مصدر برىء براءة، وأما البراءة المستعملة في صناعة الكاتب فتسميتها بذلك اما على أنها من برىء من دينه إذا أداه وبرئت من الأمر إذا تخيلت منه فكأن المطلوب منه أمر تبرأ إلى الطالب أو تخلي، وقيل: أصله أن الجاني كان إذا جنى وعفا عنه الملك تب له كاتب أمان مما خافه فكان يقال: كتب السلطان لفلأن براءة ثم عمم ذلك فيما كتب من أولي الأمر وأمثالهم. اهـ.
وذكروا في فضل هذه الليلة أخبارًا كثيرة، منها ما أخرجه ابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله تعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلي فأعافيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر» وما أخرجه الترمذي وابن أبي شيبة والبيهقي وابن ماجه عن عائشة قالت: «فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبيقع رافعًا رأسه إلى السماء فقال يا عائشة: أكنت تخافين أن يحيف الله تعالى عليك ورسوله؟ قلت: ما بي من ذلك ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماءالدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب» وما أخرجه أحمد بن حنبل في المسند عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يطلع الله تعالى إلى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا اثنين مشاحن وقاتن نفسه» وذكر بعضهم فيها صلاة مخصوصة وأنها تعدل عشرين حجة مبرورة وصيام عشرين سنة مقبو لا، ول أو ي في ذلك حديثًا طويلًا عن علي كرم الله تعالى وجهه، وقد أخرجه البيهقي ثم قال: يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعًا وهو منكر وفي رواته مجهولون وأطال الوعاظ الكلام في هذه الليلة وذكر فضائلها وخواصها، وذكروا عدة أخبار في أن الآجال تنسخ فيها.
وفي الدر المنثور طرف غير يسير من ذلك وسنذكر بعضًا منه إن شاء الله تعالى.
وفي البحر قال الحافظ أبوبكر بن العربي: لا يصح فيها شيء ولا نسخ الآجال فيها ولا يخلومن مجازفة والله تعالى أعلم.
والمراد بإنزاله في تلك الليلة إنزاله فيها جملة إلى السماء الدنيا من الو لح فالأنزال المنجم في ثلاث وعشرين سنة أوأقل كان من السماء الدنيا وروي هذا عن ابن جرير وغيره، وذكر أن المحل الذي أنزل فيه من تلم السماء البيت المعمور وهو مسامت للكعبة بحيث لونزل لنزل عليها.
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه قال: نزل القرآن جملة على جبريل عليه السلام وكان جبريل عليه السلام يحجيء به بعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال غير واحد: المراد ابتداء إنزاله في تلك الليلة على التجوز في الطرف أو النسبة واستشكل ذلك بأن ابتداء السنة المحرم أوشهر ربيع الأول لأنه ولد فيه صلى الله عليه وسلم ومنه اعتبر التاريخ في حياته عليه الصلاة والسلام إلى خلافة عمر رضي الله تعالى عنه وهو الأصح، وقد كان الوحي إليه صلى الله عليه وسلم على رأس الأربعين سنة من مدة عمره عليه الصلاة والسلام على المشهور من عدة أقوال فكيف يكون ابتداء الأنزال في ليلة القدر من شهر رمضان أو في ليلة البراءة من شعبان.
وأجيب بأن ابتداء الوحي كان منامًا في شهر ربيع الأول ولم يكن بأنزال شيء من القرآن والوحي يقظة من الأنزال كان في يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من شهر رمضان، وقيل لسبع منه، وقيل لأربع وعشرين ليلة منه، وأنت تعلم كثرة اختلاف الأقوال في هذا المقام فمن يقول بابتداء إنزاله في شهر يلتزم منها ما لا يأباه.
واختلف في أول ما نزل منه، ففي (صحيح مسلم) أنه {يا أَيُّهَا المدثر} [المدثر: 1] وتعقبه النووي في شرحه فقال: إنه ضعيف بل باطل والصواب أن أول ما نزل على الأطلاق {اقرأ باسم رَبّكَ} [العلق: 1] كما صرح به في حديث عائشة، وأما {رَّحِيمٌ يا أَيُّهَا المدثر} فكان نزولها بعد فترة الوحي كما صرح به في رواية الزهري عن أبي سلمة عن جابر.
وأما قول من قال من المفسرين أول ما نزل الفاتحة فبطلأنه أظهر من أن يكذر اه والكلام في ذلك مستوفى في الاتقان فليرجع إليه من أراده.
ووصف الليلة بالبركة لما أن إنزال القرآن مستتبع للمنافع الدينية والدنيوية بأجمعها أولما فيها من تنزل الملائكة والرحمة وإجابة الدعوة وفضيلة العبادة أولما فيها من ذلك وتقدير الأرزاق وفصل الأقصية كالآجال وغيرها وإعطاء تمام الشفاعة له عليه الصلاة والسلام، وهذا بناء على أنها ليلة البراءة، فقد روي «أنه صلى الله عليه وسلم سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطى الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطى الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطى الجميع إلا من شرد على الله تعالى شراد البعير»، وأيًا ما كان فقد قيل: إن التعليل إنما يحتاج إليه بناء على القول بما اختاره العز بن عبد السلام من أن الأمكنة والأزمنة كلها متساوية في حد ذاتها لا يفضل بعضها بعضًا إلا بما يقع فيها من الأعمال ونحوها، وزاد بعضهم أو يحل لتدخل البقعة التي ضمته صلى الله عليه وسلم فإنها أفضل البقاع الأرضية والسم أو ية حتى قيل وبه أقول إنها أفضل من العرش.
والحق أنه لا يبعد أن يخص الله سبحانه بعضها بمزيد، تشريف حتى يصير ذلك داعيًا إلى إقدام المكلف على الأعمال فيها أولحكمة أخرى، وجملة {إِنَّا أنزلناه} جواب القسم، وفي ذلك مبالغة نحو ما في قوله:
وثناياك أنها إغريض

وقوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} استئناف يبين المقتضى للأنزال، وقوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} استئناف أيضًا لبيان التخصيص بالليلة المباركة فكأنه قيل: أنزلناه لأن من شأننا الأنذار والتحذير من العقاب وكان إنزاله في تلك الليلة المباركة لأنه من الأمور الدالة على الحكم البالغة وهي ليلة يفرق فيها كل أمر حكيم ففي الكلام لف ونشر، واشتراط أن يكون كل منهما بجملتين مستقلتين مما لا داعي إليه، وقيل: إن جملة {فِيهَا يُفْرَقُ} الخ صفة أخرى لليلة وما بينهما اعتراض لا يضر الفصل به بل لا يعد الفصل به فصلًا، وقيل إن قوله تعالى: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} [الدخان: 3] هو جواب القسم وما بينهما اعتراض وإليه ذهب ابن عطية زاعمًا أنه لا يجوز جعل {إِنَّا أنزلناه} [الدخان: 3] جوابًا له لما فيه من القسم بالشيء على نفسه.
واعترض بأن قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} يكون حينئذ من تتمة الاعتراض فلا يحسن تأخِره عن المقسم عليه ولا يدفعه أن هذه الجملة مستأنفة لا صفة أخرى لأنه استئناف بياني متعلق بما قبل كما سمعت آنفًا فلا يليق الفصل أيضًا كما لا يخفى على من له ذوق سليم، وما ذكر من حديث القسم بالشيء على نفسه فقد أشرنا إلى جوابه، وقيل أن قوله سبحانه: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} جواب آخر للقسم وفيه تعدد المقسم عليه من غير عطف ولم نر من تعرض له، ومعنى يفرق ويفصل ويلخص، والحكيم بمعنى المحكم لأنه لا يبدل ولا يغير بعد إبرازه للملائكة عليهم السلام بخلافه قبله وهو في اللوح فإن الله تعالى يمحومنه ما يشاء ويثبت.
وجوز أن يكون بمعنى المحكوم به ونسبته إلى الأمر عليها حقيقة، ويجوز أن يكون المعنى كل أمر ملتبس بالحكمة والأصل حكيم صاحبه فتجوز في النسبة، وقيل: إن حكيم للنسبة كتامر ولابن وقد أبهم سبحانه هذا الأمر.
وأخرج محمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في ذلك: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو موت أوحياة أو مطر حتى يكتب الحاج يحج فلان ويحج فلان.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ربيعة بن كلثوم قال: كنت عند الحسن فقال له رجل: يا أبا سعيد ليلة القدر في كل رمضان هي؟ قال: إي والله إنها لفي كل رمضان وإنها لليلة يفرق فيها كل أمر حكيم فيها يقضي الله تعالى كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها، وروي هذا التعميم عن غير واحد من السلف.
وأخرج البيهقي عن أبي الجوزاء فيها يفرق كل أمر حكيم هي ليلة القدر يجاء بالديوان الأعظم السنة إلى السنة فيغفر الله تعالى شأنه لمن يشاء ألا ترى أنه عز وجل قال: {رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} [الدخان: 6] وفيه بحث، وإلى مثل ذلك التعميم ذهب بعض من قال: إن الليلة المباركة هي ليلة البراءة، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة أنه قال في الآية: في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة وينسخ الأحياء من الأموات ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد، وفي كثير من الأخبار الاقتصار على قطع الآجال، أخرج ابن جرير. والبيهقي في (شعب الإيمان) عن الزهري عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن الأخفش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويو لد له وقد خرج اسمه في الموتى»، وأخرج الدينوري في المجالسة عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في ليلة النصف من شعبان يوحي الله تعالى إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في تلك السنة» ونحوه كثير، وقيل: يبدأن في استنساخ كل أمر حكيم من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل عليه السلام ونسخة الحروب إلى جبرائيل عليه السلام وكذلك الزلازل والصواعق والخسف ونسخة الأعمال إلى إسماعيل عليه السلام صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تقضي الأقضية كلها ليلة النصف من شعبان وتسلم إلى أربابها ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان.
واعترض بما ذكر على الاستدلال بالظواهر على أن الليلة المذكورة هي ليلة القدر لا ليلة النصف من شعبان ومن تدبر علم أنه لا يخدش الظواهر، نعم حكي عن عكرمة أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر ويلزمه تأويل ما يأبى ظاهره ذلك فتدبر، وسيأتي إن شاء الله عز وجل الكلام في هذا المقام مستوفى على أتم وجه في تفسير سورة القدر وهو سبحانه الموفق.
وقرأ الحسن. والأعرج. والأعمش {يُفْرَقُ} بفتح الياء وضم الراء {كُلٌّ} بالنصب أي يفرق الله تعالى، وقرأ زيد بن علي فيما ذكر الزمخشري عنه {نُفَرّقُ} بالنون {كُلٌّ} بالنصب وفيما ذكر أبو علي الأهوازي عنه بفتح الياء وكسر الراء ونصب {كُلٌّ} ورفع {حَكِيمٌ} على أنه الفاعل بيفرق، وقرأ الحسن وزائدة عن الأعمش {يُفْرَقُ} بالتشديد وصيغة المفعول وهو للتكثير وفيه رد على قول بعض اللغويين كالحريري أن الفرق مختص بالمعاني والتفريق بالأجسام.
{أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا} نصب على الاختصاص وتنكيره للتفخيم، والجار والمجرور في موضع الصفة له وتعلقه بيفرق بيس بشيء، والمراد بالعندية أنه على وفق الحكمة والتدبير أي أعني بهذا الأمر أمرًا فخيمًا حاصلًا على مقتضى حكمتنا وتدبيرنا وهو بيان لزيادة فخامته ومدحه، وجوز كونه حالًا من ضمير {أمر} [الدخان: 4] السابق المستتر في حكيم الواقع صفة له أو من {أَمْرٍ} نفسه، وصح مجىء الحال منه مع أنه نكرة لتخصصه بالوصف على أن عموم النكرة المضاف إليها كل مسوغ للحالية من غير احتياج الوصف، وقول السمين: إن فيه القول بالحال من المضاف إليه في غير المواضع المذكورة في النحوصادر عن نظر ضعيف لأنه كالجزء في جواز الاستغناء عنه بأن يقال: يفرق أمر حكيم على إرادة عموم النكرة في الإثبات كما في قوله تعالى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 14] وقيل: حال من {كُلٌّ} وأيًا ما كان فهو مغاير لذي الحال لوصفه بقوله تعالى: {مّنْ عِنْدِنَا} فيصح وقوعه حالًا من غير لغوية فيه.
وكونها مؤكدة غير متأت مع الوصفية كما لا يخفى على ذي الذهن السليم، وهو على هذه الأوجه واحد الأمور وجوز أن يراد به الأمر الذي هو ضد النهي على أنه واحد الأوامر فحينئذٍ يكون منصوبًا على المصدرية لفعل مضمر من لفظه أي أمرنا أمرًا من عندنا، والجملة بيان لقوله سبحانه: {يُفْرَقُ} [الدخان: 4] الخ، وقيل: إما أن يكون نصبًا على المصدرية ليفرق لأن كتب الله تعالى للشيء إيجابه وكذلك أمره عز وجل به كأنه قيل: يؤمر بكل شأن مطلوب على وجه الحكمة أمرًا فالأمر وضع موضع الفرقان المستعمل بمعنى الأمر، وإما أن يكون على الحالية من فاعل {أَنزَلْنَا} [الدخان: 3] أو مفعوله أي إنا أنزلناه امرين أمرًا أو حال كون الكتاب أمرًا يجب أن يفعل؛ وفي جعل الكتاب نفس الأمر لاشتماله عليه أيضًا تجوز فيه فخامة، وتعقب ذلك في (الكشف) فقال: فيه ضعف للفصل بالجملتين بين الحال وصاحبها على الثاني ولعدم اختصاص الأوامر الصادرة منه تعالى بتلك الليلة على الأول.